هل سيشعر متعب كما شعر في المباراة الماضية، بأنه حقق إنجازا سيكتب له في التاريخ - باب المجد؟
هل سيشعر الجمهور بنفس حالة الفرح و النشوى؟
لقد اشتاقت جماهير مصر و الجزائر إلى الوصول إلى كأس العالم، سواء عشرون عاما، او اربعة و عشرون، و نست كل شيء آخر، اغلى و ارقى من الوصول في حد ذاته: شرف الوصول، شرف المنافسة، و شرف تقبل الهزيمة بروح الابطال الذين لم يدخروا جهدا.
اذكر، صديق طرح سؤال فلسفي خطير عن الحياة: ما هو الاهم الالتزام بقواعد لعبة الحياة، ام فهم مغزى قواعدة و لعبة الحياة؟
الإجابة كانت صعبة، و لا زالت، لم اعرف احد طرح عليه السؤال، و اجاب إجابة محددة، لكن الكل اشترك في عمل موازنة بين الطرفين: الالتزام، و الفهم، فعندما يستعصى الفهم، نلتزم و فقط، و عندما لا نستطيع الالتزام نحاول الفهم فنحاول مرة اخرى مع الالتزام.
أما عن الجماهير فكان الوضع سهلا، فهي لم تلتزم، و لم تفهم، و تريد فقط الوصول! فضاعت عندهم اهداف البطولة و مغزاها، و ضاعت قواعدها، و لن يحصلوا على شيء سوى هتافتهم الجوفاء.
و انا لست مناصرا لفكرة أن تخلف شعب يدعوه إلى التوقف عن تشجيع منتخبه حتى يتقدم، فكثيرا من الشعوب المتقدمة، تشجع و تتعصب احيانا، لكنها - هي و كتيرا من الشعوب المتخلفة - عندما تشجع يصبح لتشجيعها معنى، فاحيانا يشهدوا الفوز فيلهمهم، و يشهدوا الهزيمة فيتقبلوها فتعلمهم درسا، و تكسب مشاعرهم خبرة، لكن تشجيع جماهيرنا لا يلهم و لا يعلم، طالما ارتبط بالسب و الضرب و التهجم، و الاصرار على الفوز و بديله نظرية المؤامرة و خيانة المنافس للاخوة و قواعد اللعبة، و كأن لا شيء اسمه هزيمة في هذه اللعبة.
كنت حتى الامس، احاول أن احتفظ بباقي حلم التأهل لكأس العالم، لكني الآن غير مهتم، ربما اشاهد المباراة غدا، لكن لن يملؤني نفس الحماس، لقد تم إفساد اللعبة، فما حدث في مصر – بأي يد كانت مصرية او جزائرية – و ما حدث في الجزائر، و ما يمكن أن يحدث – و ما يحدث بالفعل - في السودان و لا نستطيع أن نتكلم عنه لأنه سيصب في نفس خانة التخوين، و البيع و الشراء، قد اصابني بالغضب من الناس التي لا تفهم أن الحياة نفسها لعبة، يجب أن نستمتع بها، داخل إطار القواعد التي تحفظ كرامتنا، لا أن نصبح عبيدا لها، مسلوبي التفكير بسحرها، فما بالك بكرة القدم؟